ضربات مستمرة لإرهاب نظام الملالي
بقلم
عبدالرحمن مهابادي*
ما تزال إيران التي تتمتع بحضارة يصل عمرها لآلاف السنين تعاني من ظاهرة
شريرة تحكمها حتى الآن. ومن الممكن أن تكون الوقاحة هي أقرب صفة للتعريف بالملالي
الحاكمين.
في ظل هذه الظروف التي أصبح فيها الإرهاب الحكومي للملالي من الحقائق غير
القابلة للإنكار في عصرنا نجد أن الملالي لا يكتفون بإنكار هذه الحقيقة بل وبكل
وقاحة على خطى مؤسس نظامهم خميني الذي قال: " المعارضون يقتلون أنفسهم
بأنفسهم ويلقون التهمة على ظهورنا" يدعون بأن الأعمال المناهضة للإرهاب التي
تتبعها الدول ضد نظامهم غير قانونية وانتهاك للوضع والحالة الدبلماسية ويصفونها
بأنها معادية لإيران ومدمرة للعلاقات وغير مقبولة وبأنها سناريوهات تمت تحت ضغط
الحكومة الأمريكية وماهي إلا إدعاءات واهية وغير صحيحة ومؤذية لإيران وغير
عقلانية... إن مثل هذه التصريحات لمسؤولي النظام الرسميين وغير الرسميين هي إهانة
للمجتمع الدولي قبل كل شئ ويجب الإجابة عليها بحزم.
يوم الأربعاء ١٩ ديسمبر ٢٠١٨ تم طرد السفير ونائب السفير الإيراني من
ألبانيا. وهذه تعتبر أحدث ضربة على جسد الإرهاب الحكومي لنظام الملالي حتى هذه
الساعة حيث لاقت انعكاسا دوليا واسعا بشكل سريع لأنه خلال الظروف الحالية الحساسة
فإن هذا العمل له معنى ومفهوم خاص به. فوزارة الخارجية الألبانية ذكرت بأن هذا
القرار قد تم اتخاذه بمشورة الدول الحليفة لأن نشاطاتهم في ألبانيا كانت انتهاكا
للوضع الدبلماسي.
في هذا العام الذي يقترب من نهايته شاهدنا ازديادا في العمليات الإرهابية
لنظام الملالي ضد مجاهدي خلق أكثر من العام السابق. وفي شهر مارس الماضي كشفت
الحكومة والشرطة الألبانية مخططا إرهابيا كبيرا كانت تسعى من خلاله سفارة نظام
الملالي ووزارة الاستخبارات لتفجير سيارة مفخخة كبيرة مقابل مقر مجاهدي خلق في
تيرانا خلال تجمعهم بمناسبة عيد النوروز بحضور السيدة مريم رجوي والعمدة جولياني
المستشار الحقوقي للرئيس ترامب. وبعد كشف هذا المخطط تم اعتقال عنصرين تابعين
لوزارة استخبارات النظام الإيراني وطردهم خارج ألبانيا. بعد فترة أراد الملالي
تفجير تجمع ضم مئات الآلاف من مناصري المقاومة الإيرانية في باريس في ٣٠ حزيران
بحضور مئات الشخصيات الأمريكية والأوروبية والعربية الرفيعة لينهوا بذلك انتفاضة
الشعب الإيراني ضد دكتاتورية الملالي وفي هذا العمل الوحشي تم اعتقال أعضاء الفريق
الإرهابي والدبلماسي الإرهابي اسد الله أسدي في ألمانيا ( مسلّم القنبلة لفريق
الاغتيال) والأمين الأول لسفارة النظام في النمسا وسجنهم في ٣ دول وهي فرنسا
وبلجيكا والنمسا. كما أن اعتقال عميلين استخباريين تابعين لمخابرات الملالي في
أمريكا في الشهر القادم كان حلقة أخرى من سلسلة المؤامرات الإرهابية لنظام الملالي
التي تم إحباطها وفي النهاية كانت المؤامرة الإرهابية في الدنمارك هي الجولة
الرابعة من العمليات الإرهابية الكبرى هذا العام.
الملالي لم يختاروا مجاهدي خلق كهدف أساسي على نحو عشوائي. فهم القوة
المحورية للمقاومة الإيرانية التي تقوم الآن بتوجيه وتنظيم انتفاضة الشعب الإيراني
بعد مغادرتهم المنتصرة للعراق في عام ٢٠١٦. فالملالي كانوا يسعون إلى إبادتهم بشكل
كامل في العراق. ولكن مجاهدي خلق بثباتهم الاسطوري منذ ١٤ عاما استطاعوا أن يفشلوا
سناريوهات نظام الملالي وهم الآن أقوى مما مضى يعملون ضد الملالي وتحولوا لتهديد
أساسي لنظام الملالي. علي خامنئي وحسن
روحاني قائد ورئيس الملالي وبقية مسؤولي النظام الإيراني أعلنوا في العام الماضي
عدة مرات بأن مجاهدي خلق يسعون لإسقاط نظامهم من خلال الانتفاضة. وروحاني في
الأيام الأولى من انتفاضة الشعب الإيراني طالب الرئيس ماكرون بشكل رسمي أن يمنع
أنشطة مجاهدي خلق، بطبيعة الحال كان جوابه مخرسا لروحاني.
وعلى الرغم من أن الحكومة الأمريكية لم تقف داعمة بشكل رسمي لجانب المقاومة
الإيرانية ولكن على ما يبدو أن هناك توجها في البيت الأبيض نحو ذلك وسيكون هناك
مثل هذا التحول الكبير في القريب العاجل. ومسؤولو النظام الإيراني يخافون من مثل
هذا التحول والتطور مسبقا.
هناك حقيقة غير قابلة للإنكار في هذا الوسط تظهر أن انتفاضة الشعب الإيراني
قد أخلت بتوازن الملالي بشكل تام الأمر الذي يدفع الملالي بشكل هستيري لتوجيه ضربة
لمجاهدي خلق حتى أنهم استخدموا سفاراتهم ومحطاتهم الدبلماسية من أجل هذا الهدف.
وبالإضافة لذلك يبدو أن الملالي قد ارتكبوا خطأ فادحا آخر.
وبعد أن قبلت حكومة ألبانيا هذه الدولة الصغيرة في دول البلقان في عمل
تاريخي باستضافة مجاهدي خلق بعد خروجهم من العراق في بلادهم وضع الملالي حساباتهم
على أنهم يمكنهم استهداف مجاهدي خلق في هذا البلد بطرق مختلفة لأن ألبانيا ليست
عضوة رسمية في الاتحاد الأوروبي لذلك سعى الملالي في أعقاب انتقال المجاهدين من
العراق إلى ألبانيا لاستبدال السفير الإيراني السابق بإرهابي مخضرم بوحشيته ومعروف
يدعى مصطفى رودكي وقام الملالي بتوسيع سفارتهم بسرعة مقارنة بالأعوام والعقود
الماضية.
وفي الأعوام الماضية قام مسؤولو النظام وقادة قوات الحرس الرفيعين بتهديد
قوات المعارضة الإيرانية بأنهم سيستهدفونهم أينما وجدوا. وفي هذا الصدد قال علي
شمخاني أمين المجلس الأعلى لنظام الملالي بعد بدء انتفاضة الشعب ضد الحكومة معبرا
عن موقف رسمي بأنهم سيستهدفون مجاهدي خلق من حيث لايدرون وسابقا هدد النظام
الإيراني عدة مرات الدول المختلفة لمنع قبول المجاهدين وأعلنوا أن هدفهم هو
الإبادة أو على مجاهدي خلق الاستسلام وأنه يجب أن يمحو مجاهدي خلق من على سطح
الكرة الأرضية. وحتى الآن نفذ نظام الملالي أكثر من ٤٥٦ عمل إرهابي على الأراضي
الأوروبية وكان أشد هذه العمليات موتا في ألمانيا (اغتيال مطعم
ميكونوس) في عام ١٩٩٢ . وفي شهر أبريل ١٩٩٧ أعلن مجلس الاتحاد الأوروبي بعد
حكم المحكمة الفيدرالية في برلين أن علي خامنئي ورئيس الجمهورية رفسنجاني ووزير
المخابرات علي فلاحيان ووزير الخارجية علي أكبر ولايتي مسؤولين عن هذا العمل
الإرهابي.
لقد انتهى عصر التماشي مع نظام الملالي في العالم وهذا الأمر لم ولن يأخد
الملالي الحاكمون منه درسا. لأن أي نوع من أنواع التراجع عن الإرهاب يتعارض مع
الطبيعة الإرهابية لنظامهم. فالملالي لو اعترفوا مرة واحدة (فقط مرة واحدة)
بإرهابهم لوجدتم حكومتهم منهارة الآن. لأن وجودهم تأسس على القمع والإعدام و اغتيال
المعارضين وكما أن بقاء نظامهم هو في استمرار الإرهاب أيضا. ولهذا السبب فإن
المسؤولين الأساسيين عن هذه الجريمة هو بدون تردد الولي الفقيه علي خامنئي.
حديث آخر:
من الواضح أنه أينما يذكر اسم سفارت نظام الملالي يتبادر فورا للأذهان
مراكز التجسس والإرهاب. وأهم إثبات على هذا الأمر ليس فقط تاريخ الاغتيالات التي
حصلت سابقا بل هؤلاء الأشخاص الذين ينشطون في هذه المراكز تحت اسم سفير او قنصل أو
دبلماسيين. فهؤلاء أغلبهم هم عناصر معروفة في قوة القدس الإرهابي. وفي نفس هذا
السياق فإن إغلاق سفارات النظام في الدول وتسمية قوات الحرس كمنظمة إرهابية يعتبر
ضرورة ملحة.
الحقيقة هي أن بقاء هذا النظام هو إهانة للمجتمع الدولي المعاصر. ولايجب
السماح للملالي تحت اسم المركز الدبلماسي الاستمرار في عيشهم غير المشروع وخاصة أن
انتفاضة الشعب الإيراني على وشك الانتصار على الدكتاتور والمقاومة الإيرانية
برئاسة السيدة مريم رجوي هي
البديل الديمقراطي الوحيد والمشروع ضد هذا النظام الإرهابي.
*کاتب
ومحلل سياسي خبير في الشأن الايراني.
No comments:
Post a Comment