جيش الفقراء والجياع في إيران
تمر إيران حاليًا بأسوأ وأحلك فترة في حياتها. لأن
الديكتاتورية الدينية الحاكمة فيها تُعتبر الأكثر ترويعًا في التاريخ. حيث أساء
الملالي استغلال الفرصة التاريخية في أوائل عام 1979 واستولوا على السلطة، وعلى
الفور قسموا المجتمع بقمع الحريات في إيران. واستنادًا إلى قول، الحرسي محمد باقر
قاليباف، رئيس بلدية طهران السابق فإن النظام همّش 96 في المائة من الشعب الإيراني
واحتكر الثروة والموارد الوطنية للبلاد (مناظرة تلفزيونية بشأن الحملة الانتخابية
في يونيو 2015).
لقد كانت زمرتا نظام الملالي ومازالتا شريكتين ومتعاونتين
في سجل 4 عقود من الجرائم ونهب ممتلكات الشعب الإيراني.
لقد جعل الفساد الناجم عن حكم الملالي السياسي وغير
الشرعي، إيران واحدة من أكثر الدول فسادًا في العالم (التقرير السنوي للمنظمة
الدولية للشفافية 2018)، ولا نقصد الحديث عن هذا الموضوع في هذا المقال.
نتيجة لمثل هذا الفساد غير المسبوق في التاريخ الإيراني،
يعيش أكثر من 33 في المائة من الإيرانيين تحت خط الفقر، وفقًا لما ذكرته وسائل
الإعلام الحكومية. وتقول وسيلة الإعلام الحكومية "تسنيم" إن هذا الرقم
يتجاوز 50 في المائة.
في إيران الحالية، أصبح بيع أعضاء الجسم أو حتى إقبال
الوالدين على بيع أطفالهم أمرًا شائعًا. وتعتبر إعلانات مثل هذه المبيعات المؤلمة
على جدران المدن الإيرانية أدلة دامغة على مثل هذا الواقع المؤسف في إيران.
هذا ويُقبل الآباء على بيع أطفالهم بسبب الفقر. وتحول
البعض الآخر من الأطفال إلى أطفال عاملين بدلًا من مواصلة الدراسة وأصبح الشباب العاطل فريسة
للإعياء والشيخوخة. إن مصير هذه الشريحة من المجتمع الإيراني الحالي مؤلم بشكل
فظيع. هذا ويتزايد عدد الأطفال العاملين أو الطائشين يوميًا.
إن الفقر في إيران جعل وضع المرأة في المجتمع مؤلمًا
للغاية. وأصبحت موجة كبيرة من النساء فريسة للزمر الحكومية ويتم استغلالهن بطرق
مختلفة.
وبسبب الفقر في المجتمع، تنضم إلى البطالة موجة جديدة من
العمال يوميًا. قال عضو المجلس الأعلى للعمل في نظام الملالي، علي خدايي، في 11
سبتمبر 2019، في اعتراف صادم: "يمارس 3,5 مليون عامل نشاطهم في ورش العمل
السرية وليست هناك إحصائية عنهم في أي مكان. وليس لدى هؤلاء العمال أي نوع من
بطاقات هوية تُثبت أنه عامل، وهم منسيون وفي حالة اعتراضهم سيتم فصلهم من العمل
فورًا. وقال أيضًا إن الحد الأدنى المحدد
لأجور العمال يكفي لتلبية 35 في المائة فقط من تكاليف معيشتهم ". "وكالة
"تسنيم" للأنباء التابعة لقوات القدس الإرهابية في 11 سبتمبر).
والجدير بالذكر إن القوات الحكومية تنهال على الباعة
المتجولين والذين ينتمون إلى أفقر طبقات المجتمع بالضرب المبرح والسب يوميًا
ويزجون بهم في السجون.
وصلت الأبعاد المروعه للفقر المدقع والوقاية بلا مأوى
إلى درجة أن الموقع الحكومي "اقتصاد آنلاين" كتب في 11 أغسطس 2019 أن
وضع دخل المجتمع خلال العامين الماضيين أصبح ثنائي القطب تمامًا. وأدى تفاقم
التضخم والفجوة في الدخل إلى اختفاء الطبقة الوسطى في المجتمع، وتشير إحصاءات
البنك المركزي إلى أن 70 في المائة من الودائع المصرفية تخص 1600000 شخص أو 2 في
المائة من المجتمع، و78400000 آخرون يمتلكون 30 في المائة فقط من الودائع
المصرفية. هذا في حين أن العملاء الرئيسيين لنظام الملالي لا يودعون رؤوس أموالهم
الفلكية في البنوك المحلية.
وبناء على اعتراف وسائل الإعلام الحكومية، فإن الثنائية
القطبية في المجتمع الإيراني البالغ عدد سكانه 80 مليون نسمة يعني أن 98 في المائة
من الشعب محرومون وأن 2 في المائة هم من أقارب وعناصر وحرس نظام الملالي. ووفقًا
للإحصاءات والأرقام الرسمية الصادرة في الفترة ما بين عامي 2013 و 2018، فإن
الفجوة الطبقية في إيران قد ازدادت بنسبة 12 في المائة. وتقول مصادر موثوقة أن
القدرة الشرائية للناس قد انخفضت فيما يتراوح ما بين 60 و 70 في المائة. وفي أكثر
التقييمات تفاؤلاً، قدّر خبراء حكوميون خط الفقر في إيران بـ 6500000 تومن. وذكرت
وكالة "إيسنا" الحكومية للأنباء في 30 يوليو 2019 إن تكلفة معيشة العمال
تبلغ 4 أضعاف أجورهم.
إن الفجوة الطبقية وشدة الفقر من ناحية، وفساد قادة نظام
الملالي وأسرهم وسرقة المليارات من ناحية أخرى عاملان رئيسيان في التطورات
المستقبلية في إيران. ويقول عالم فرنسي، إذا أتيحت الفرصة للشعب، فلن ينجو أي من
مسؤولي وعملاء هذا النظام من غضب الشعب وحقده.
إن حجم الفقر في إيران لم يترك أي طبقة من طبقات
المجتمع. فكثير من الناس يعملون في وظائف متعددة وشيفتات متعددة. وفي المناطق
الحدودية يعملون في العتالة، بما في ذلك شمال غرب إيران، حتى الأطفال والمسنين
والنساء يعملون في العتالة أيضًا. وتفيد الأنباء التي نشرتها منظمات حقوق الإنسان
أن القوات الحكومية قتلت أكثر من 100 عتال على مدار العام الماضي.
هذا ويُعد المعلمون والطلاب من بين ضحايا الفقر في
إيران، حيث أن راتب المعلم هو مجرد نسبة مئوية لا تُذكر من تكلفة معيشته. ويقول
أحد أعضاء مجلس شورى الملالي في هذا الصدد:
"كيف تتوقع أن يقوم مدرسو التربية والتعليم بتلقين أبنائنا تعليمًا
جيدًا وهم يتقاضون راتبا يوميا يتراوح ما بين خمسين إلى سبعين ألف تومان فقط؟. هل
تعلم أن معظم المتقاعدين يقومون بأعمال خدمية في منشآت اقتصادية وحالهم حال المثل
القائل «تجشأ لقمان من غير شبع»؟. هل تعلم أن حياة العمال تشبه فترة العبودية؟
(رضائي، في مجلس شورى الملالي، في 16 أبريل 2019). وكثير من الآباء غير قادرين على
إرسال أبنائهم إلى المدارس بسبب غلاء الأدوات المكتبية وزيادتها بنسبة 500 في
المائة. وفي هذا الصدد أيضًا، كتبت وسائل إعلام نظام الملالي بكل وقاحة أن أولياء
أمور الطلاب اضطروا إلى مغادرة المتجر باكين لأنهم يفتقرون إلى القدرة الشرائية
والمال اللازم للشراء. وتأتي التكلفة المرتفعة للأدوات المكتبية في وقت تعيش فيه
أغلبية أسر أكثر من 14 مليون طالب تحت خط الفقر، وأقل من 1 في المائة من أسر
الطلاب من أقارب رؤساء وعناصر الحكومة.
لقد أدى الفقر في المجتمع إلى تفكك العديد من الأسر،
وانتشار ظاهرة الطلاق أحد أعراض هذه الظاهرة المميتة في إيران في ظل حكم الملالي.
إن انتشار حالات الانتحار أو الانتحار حرقًا بين النساء أو بعض الحالات مثل زيادة
زواج الأطفال أو بيعهم بغية أن يصبح مالكًا لعقار من مظاهر الفقر الأخرى، في هذا
الصدد.
إن الحالات المشار إليها سابقًا ما هي إلا مجرد زاوية
صغيرة جدًا من الفقر الفتاك في إيران في ظل حكم الملالي. ويعيش ما يقرب من 20
مليون شخص في عشوائيات المدن بشكل مؤلم.
ووفقًا لتقارير موثوقة وكذلك الملاحظات الموضوعية، فإن
حقيقة الأمر أكثر إيلامًا من هذا، والعالم ليس لديه علم حتى الآن بما حدث للشعب
الإيراني في هذه العقود الأربعة. فبالإضافة إلى الفقر، يعد قمع الشعب جانبًا آخر
من جوانب هذا الوضع المذري. وفي الآونة الأخيرة أصدر خامنئي حكمًا بالسجن لمدة 110
عامًا بدون محاكمة على سبعة عمال في قصب السكر في "هفت تبه" بمحافظة
خوزستان ومؤيديهم.
وتفيد المعلومات المنشورة بشأن إيران أنه انطلقت في
المدن الإيرانية يوميًا في السنوات الأخيرة، ما يتراوح ما بين 30 و 40 مسيرة
احتجاجية في المتوسط ضد نظام الملالي.
دعت انتفاضة الشعب الإيراني على مستوى البلاد في الأيام
الأخيرة من عام 2017 إلى الإطاحة بنظام الملالي الحاكم في إيران، ودحضت جميع فصائل
هذا النظام، ورأى العالم وسمع أن الشعب الإيراني لا يريد نظام الملالي. لذلك يدل
المشهد على أن جيش الجياع والفقراء سوف ينتفض أينما أتيحت له الفرصة للإطاحة بهذا
النظام الديكتاتوري. حميد رضا درخشنده، الذي أعدمه النظام مؤخراً، دليل قاطع على
هذه الحقيقة. وقتل عندما عينه خامنئي إمامًا للجمعة في كازرون.
لذلك، يحاول النظام غير الشرعي الحاكم في إيران عبثًا
الاستمرار في المزيد من القمع في المجتمع من أجل احتواء الموقف. لأن تصاعد الفقر
يدفع الجياع والفقراء على ضرورة القيام بانتفاضة مروعه. ولن يفلت الملالي من
العقاب المحتوم. فهم يعيشون في رعب ولهم الحق في أن يخافوا، لأن الانتصار الحتمي
من نصيب الجياع ونسبتهم 98 في المائة من الشعب الإيراني، واستثمار هذا النظام خارج
البلاد لا يعدو كونه مجرد تصدير للأصولية والإرهاب، ولن يكن شافعًا له.
وستكون الكلمة الأخيرة للشعب الإيراني ومقاومته المنظمة.