الحكم الشيطاني لولاية الفقيه
نظرة على السلطة المطلقة لولاية الفقيه في ايران وتوقعات
التطورات الإيرانية
بقلم عبدالرحمن مهابادي*
على مدى التاريخ البشري كانت هناك أنظمة حكمت الشعوب أطلقت عليها في كثير
من الأمثلة البارزة اسم الشيطان. وفي وصف الشيطان الخبيث والوسواس والمؤذي الذي
كان يسعى من خلال الفساد والخبث الموجود فيه لإيجاد التفرقة وقتل وذبح بني
الإنسان. لأنه يعتبر نفسه بسبب اعتقاداته أنه أفضل من الإنسان ولهذا السبب أصبح
مغرورا بنفسه وعصى أوامر الله سبحانه وتعالى.
المثال الحالي عن الشيطان
في العصر الذي نعيش فيه يعتبر نظام ولاية الفقيه الحاكم في إيران أبرز مثال
عن الشيطان الذي يحكم بسم الله الشعب الإيراني. والولي الفقيه بالإضافة لتسلمه
قيادة القوى الثلاث فإنه يشرف على قيادة القوى الثلاث الأخرى (قوات الحرس والجيش
والشرطة). والولي الفقيه هو ممثل الله على الأرض!. وهذه الروح هي الشيطان وتاريخه
وسجله خلال ٤٠ عاما مضت اثبات ودليل على هذه الحقيقة.
سجل أربعين عاما من تاريخ النظام الإيراني
يملك هذا النظام سجلا طوله ٤٠ عاما ففي داخل إيران لديه تاريخ وسجل على مدى
٤٠ عاما مليئ بالجرائم والإعدام والتعذيب والمجازر والإبادة وسجل مليئ بالفقر
والبطالة وفرض الظروف المعيشية السيئة على الشعب الإيراني. أما في خارج ايران هناك
سجل أربعين عاما مليئ بإشعال الحروب وتصدير الإرهاب والأصولية والتطرف والتدخل في
شؤون الآخرين وبالتزامن مع ذلك هناك القتل والتهديد الأمر الذي يشيى بوضوح للطبيعة
الشيطانية لهذا النظام.
عمود خيمة حكم ولاية الفقيه
إن موت مؤسس هذا النظام الدموي في يونيو ١٩٨٩ والظهور المزيف والكاذب
للجناح الوسطي والإصلاحي والمعتدل ( وخاصة في السلطة التنفيذية) لم يكن له أي
تأثير أو تغيير في الحضارة الإنسانية.
لأن روح الشيطان في ولاية الفقيه كانت متغلغلة ونافذة في كل قوة من القوى
الثلاث وأجهزتها المتعددة. وفي هذا النظام هناك شرط أساسي لا حياد عنه وهو اصل
ولاية الفقيه. ومن هنا فإن حكومة وقوانين هذا النظام تتعارض بشكل كلي مع حكم
وقوانين أي نظام وطني وشعبي.
وما يسمى بعمود الخيمة في هذا النظام هو الولي الفقيه فهذه الحكومة لا تأخذ
شرعيتها من الشعب بل من الغيب والمجهول.
الروح الحاكمة على نظام الحكومة
في إيران تحت حكم الملالي لا يوجد شئ اسمه انتخابات. وكل ما يعرض للشعب تحت
مسمى انتخابات ما هو إلا وجه لولاية الفقيه لخداع الآخرين في الحقيقة قد تم تنظيمه
وتدبيره من قبل. وهؤلاء الأشخاص الذين يجلسون في مقاعد ممثلي البرلمان هم أشخاص
قبلوا الولاء الإخلاص الأعمى لولاية الفقيه. وهناك مجلس الخبراء الذي يشرف على هذا
البرلمان ويعتبر أداة تحكم للولي الفقيه على هذا البرلمان وأمينه العام هو شخص
يدعى احمد جنتي الآن.
طبيعة النظام الإيراني لم تتغير
على الرغم من أننا رأينا في الدورات المختلفة من عروض انتخابات رئاسة
الجمهورية صعود أشخاص مثل هاشمي رفسنجاني ومحمد خاتمي أو حسن روحاني لكرسي رئاسة
الجمهورية فإن مشروعيتهم لم يأخذوها من آراء وأصوات الشعب بل هي نتاج لصراع وحروب
الذئاب في داخل الحكم. وهذا الأمر لا يشكل ابتعادا عن الطبيعة الرجعية
والإرهابية والمتطرفة لنفس هذا النظام.
فالاعدام والاغتيال والقمع لم يتوقف في جميع الفترات والدورات ومن هنا فقد
كان أحد الشعارات الاساسية في الانتفاضة الشعبية الماضية هو رفض كلا الجناحين
الحاكمين أي الاصلاحيين والأصوليين.
المكانة الخاصة للسلطة القضائية في ايران
السلطة القضائية لها مكانة خاصة في حكم الملالي وهذه السلطة لطالما كانت
أداة في يد الولي الفقيه من أجل السيطرة على المنافسين وقتل المعارضين. وعلى مدى
أربعة عقود ماضية كان هناك أشخاص تم تعيينهم في هذا المنصب من قبل الولي الفقية
لمدة ٥ سنوات لكي يقوموا بتنفيذ سياساته في قمع وقتل الشعب وخاصة معارضي النظام
وكان يتم تمديد فترة توليهم لهذا المتصب طبعا من قبل الولي الفقيه.
رئيس السلطة القضائية هو عضو مجلس الأمن الوطني للبلاد ويقوم بتعيين وزير
العدل ورئيس المحكمة العليا في البلاد والمدعي العام لكل البلاد ويشرف أيضا على
مجلس حقوق الإنسان في البلاد. ولذلك نرى أن كلا من السلطات الثلاث التنفيذية
والتشريعية والقضائية وأيضا القائد العام للقوى الثلاثية هم تحت إشراف مباشر من
الولي الفقيه.
ووفقا للمادة رقم ١٤٢ من دستور نظام ولاية الفقيه الديني فإن:
"ممتلكات المرشد ورئيس الجمهورية ونوابه والوزراء وأزواجهم وأبنائهم تتم
مراجعتها وتدقيقها من قبل رئيس السلطة القضائية قبل وبعد انتهاء خدمتهم بحيث لايجب
أن تزداد على غير وجه حق"
فشل وانكسار الولي الفقيه في آخر عرض انتخابي
على الرغم من أنه وفقا لما ذكر أعلاه فإن منصب رئيس الجمهوربة فاقد لأي
صلاحية بدون تصريح وترخيص الولي الففيه. وعلى الرغم من هذا فإن قائد الملالي علي
خامنئي في عرض انتخابات الدورة الثانية عشر من رئاسة الجمهورية في ١٣ يونيو ٢٠١٧
سعى لتنظيم الانتخابات لمصلحته وتنصيب ابراهيم رئيسي على كرسي رئاسة الجمهورية حتى
لا يصبح حسن روحاني كعثرة في طريقهم.
سبب الفشل
إن إعلان حركة
التقاضي من أجل دماء شهداء مجزرة عام ١٩٨٨ من قبل السيدة مريم رجوي في التجمع
السنوي للمقاومة غي صيف عام ٢٠١٦ الذي ركز على دور ابراهيم رئيسي في عمليات
الإبادة ومذبحة عام 1988 أدى لفشل مخطط الولي الفقيه وجلوس حسن روحاني للمرة
الثانية على كرسي الرئاسة.
تعيين رئيس جديد للسلطة القضائية
على الرغم من فضيحة وفشل مخطط خامنئي سعى لإبقاء ابراهيم
رئيسي في مشهد صراع الذئاب داخل الحكم حتى يتمكن من ضبط الأمور وعدم انجرافها
بالاتجاه الذي لايريد. لذلك ومع نهاية فترة رئاسة صادق آملي لاريجاني على السلطة
القضائية قام بتعيين ابراهيم رئيسي في هذا المنصب ولكن من يكون هذا؟
ابراهيم رئيسي من أهالي مدينة مشهد شمال غرب ايران وعمره الآن ٥٩ سنة وقيل
بأنه وصل في دراسته للصف السادس وعندما وصل لعمر العشرين قام خميني بتعيينه في
منصب قضائي مهم بسبب وفائه وولائه له وعين في وقت لاحق في منصب آخر مهم بسبب
جرائمه التي نفذها بحق معارضين عدة والآن عين خلفا لصادق لاريجاني في منصب رئيس
السلطة القضائية من قبل خامنئي.
رئيسي كان أحد الأشخاص الذين تلقوا تدريبات على يد العديد من المسؤولين
الحاليين لهذا النظام والذين يلتفون حول عبائة دكتاتورية ولاية الفقيه. وصفاته
البارزة هي قسوة القلب والوحشية ضد معارضي النظام.
مجزرة السجناء السياسيين في عام ١٩٨٨
ابراهيم رئيسي اسم معروف لجميع الإيرانيين. وهناك العديد منهم كان يتمنى أن
يرى ابراهيم رئيسي يخضع لمحاكمة عادلة لأنه مجرم وهناك العديد من الإيرانيين اليوم
ليسوا بيننا الآن لأنه أمر بإعدامهم. فهو كان عضو في الهيئة المكونة من ثلاث أعضاء
المسماة هيئة الموت في عام ١٩٨٨ والتي قامت بإعدام أكثر من ٣٠ ألف سجين سياسي
مجاهد ومناضل في فترة اقل من ثلاث أشهر بناءا على فتوى من خميني
مؤسس نظام الملالي.
هؤلاء السجناء كانوا من الشبان والفتيات من الجيل الإيراني الشاب وفقط بسبب
مواقفهم المعارضة لنظام الملالي ومناصرتهم لمنظمة مجاهدي خلق تم إعدامهم بكل
وحشية.
مواقف المقاومة:
ولكن الهدف الأساسي من تعيينه كما قالت السيدة مريم رجوي الرئيسة المنتخبة
من قبل المقاومة الإيرانية: رد الفعل الوحشي للخلافة الدينية على صعود حركة
التقاضي".
الأمانة العامة للمجلس
الوطني للمقاومة الإيرانية أعلنت في بيان للمجلس بتاريخ ٧ مارس ٢٠١٩: "
إن تعيين رئيسي الذي يجب أن يقدم لمحاكمة دولية بسبب جرائمه ضد الإنسانية وإبادة
المجاهدين في أعلى منصب قضائي للنظام الديني وبالإضافة للفضيحة الدولية وإظهار
طبيعة واسلوب عمل الجهاز القضائي لهذا النظام هو عبارة عن تحول وتطور قمعي ووحشي شديد
في الحكومة الدينية حيث أن خامنئي وصف قرار تعيين رئيسي بالمرحلة الجديدة تحت
عنوان المرحلة الثانية للنظام وأمر رئيسي بألا يلتفت لملاحظات وتوجيهات هذا وذاك
فيما يتعلق بالتعامل القضائي".
الإثبات على إبادة تاريخية
حسين علي منتظري
خليفة خميني في خضم مذبحة ال ٣٠ ألف سجين سياسي قام بإحضار أعضاء لجنة الموت
المسؤولة عن مذبحة السجناء السياسيين وخاطبهم ومن بينهم كان رئيسي قائلا: "من
وجهة نظري فإن أكبر جريمة حدثت في الجمهورية الإسلامية وستديننا جميعا في التاريخ تنفذ
الآن على أيديكم وسيكتب التاريخ أسمائكم في المستقبل بأنكم كنتم جزءا من
المجرمين".
حسن
روحاني منافس ابراهيم رئيسي في الدورة الثانية عشرة من الانتخابات الرئاسية
قال في نفس الوقت بأن ابراهيم رئيسي هو من الأشخاص الذين لا يوجد في تاريخهم سوى
الإعدام والسجن على مدى ٣٨ عاما ماضية.
الخوف من تطورات العام الجديد
إن تعيين رئيسي يشير قبل كل شئ لمدى خوف الولي الفقيه من مواجهة تطورات
العام الإيراني الجديد حيث أن خامنئي تحدث معبرا عن ذعره من سقوط نظامه على يد
الشعب والمقاومة الإيرانية في الآونة الأخيرة قائلأ: "هؤلاء الذين قالوا
بأننا سنفعل هكذا وذاك في عام ٢٠١٨... من الممكن أن يكون خدعة. فهم من الممكن أن
يقوموا بخلق الفوضى في عام ٢٠١٨ ولكنهم يخططون لعام ٢٠١٩".
النقطة الأخيرة
هناك توافق قوي في الآراء في المجتمع الدولي وخاصة الإقليمي بأن هناك
تطورات خطيرة ستحدث في إيران في العام
الجديد..وعلى الرغم من المعارضة الأوروبية الهشة فإن حكومة الولايات المتحدة
ركزت سياساتها واسترتيجيتها على إيران.
وهذا الأمر يعتبر علامة خطيرة جدا بالنسبة للشيطان الحاكم في إيران. فهم
تلقوا هذه الإشارة وفهموها جيدا. لأنها تتزامن مع بدء واستمرار الانتفاضة الشعبية
في إيران المرتبطة ارتباطا وثيقا مع المقاومة الإيرانية.
الشعب الإيراني الذي عقدوا آمالهم وأمانيهم على معاقل الانتفاضة في مختلف
نقاط إيران وعقدوا العزم على الاستمرار في النضال حتى انتصار الانتفاضة الشعبية.
إن استمرار الانتفاضة مع استمرار العقوبات المميتة سيسرع من حركة عقارب
الساعة نحو انتصار الشعب على الدكتاتورية في إيران. وما لا يمكن إنكاره هو أفول
نجم حظ الملالي وظهور وصعود شمس الحرية في إيران والاستقرار والأمن في هذه المنطقة
من العالم.
*کاتب ومحلل سياسي خبير في الشأن الايراني.
No comments:
Post a Comment