Tuesday, February 7, 2017

نظرة الى الواقع الاجتماعي في ايران



نظرة الى الواقع الاجتماعي في ايران
كلمة «العتال» التي نسمعها في السنوات القليلة الماضية هي لها سوابق قديمة. ويطلق العتال على من ينقل البضائع على الأكتاف من خارج ايران الى الداخل أو بالعكس لكسب لقمة العيش لنفسه ولعائلته. فهذه المهنة مع أن أجرها قليل غير أنها تنطوي على مخاطر لكون العتالين اضافة الى تعرضهم لخسائر في الجسم وأحداث طبيعية (خاصة في فصل البرد) يستهدفون برصاص أفراد الحرس للنظام ويفقدون حياتهم. لذلك فان مهنة العتالة ليست انتخابا في المناطق الحدودية وانما مهنة اجبارية فرضت عليهم تمتد جذورها الى الواقع الايراني الحالي.
نظرة عابرة الى سجل العتالين لاسيما اولئك الذين فقدوا أرواحهم، نرى أن هذه المهنة شملت طيفا واسعا من الناس من الرجال والنساء والصغار والشيوخ شيبا وشبابا وطلاب المدارس والجامعات وخريجي الجامعات. ان سبب توجه الناس الى العتالة يعود الى الواقع الاقتصادي المتدهور في ايران حيث جعل هذه الشريحة من المحرومين في المجتمع يعتمدون هكذا مخاطر لكسب رغيف خبز لأنفسهم ولعوائلهم.

في الاسبوع الماضي أوقف مآمورو النظام الايراني في حدود بانه 4 عتالين كرد وألقوهم الى داخل الوادي ما أدى الى مقتل أحدهم واصابة ثلاثة آخرين بجروح بليغة. كما أن المأمورين اعتقلوا عتالين اثنين آخرين كانا شاهدين على الحادث ونقلوهما الى جهة مجهولة كما هددوا عوائل هؤلاء الستة بألا يكشفوا عن هذه الجريمة.  وفي يومي 28 و30 يناير في منطقة بيرانشهر وسردشت فقد 5 من العتالين أرواحهم واصيب عدد آخر بجروح. كما حدث حادث  مؤلم آخر في منطقة اورامانات في ايران حصد أرواح مالايقل عن اثنين من الشباب.
العتالة هي واحدة من تداعيات تدمير الاقتصاد الإيراني والتي توسعت مع تصاعد وتيرة البطالة. العتالون يتعرضون لاطلاق النار المباشر باستمرار من قبل قوات النظام اضافة الى الأحداث المؤلمة. وأفادت التقارير أن مالايقل عن 70 عتالا كرديا فقدوا أرواحهم في الحدود اثر اطلاق النار عليهم من قبل النظام خلال الفترة بين مارس ونوفمبر 2016 واصيب عشرات الآخرين بجروح.  
وأشار احمد شهيد المقرر الخاص السابق للأمم المتحدة في أحد تقاريره بشأن وضع حقوق الانسان في إيران إلى «قتل العتالين المنظم» مؤكدا أن حراس الحدود يطلقون النار على هؤلاء الآفراد وبذلك يصيبون أو يقتلون سنويا عشرات من العتالين وكذلك أحصنتهم.
فتح النار على الناس هو النهج الثابت لقوات النظام منذ مجيء نظام خميني الى السلطة. فهذه القوات ولغرض رفع مهاراتهم العسكرية وكذلك لغرض التسلية قد استهدفوا مرات عديدة المارة والقرويين الكرد والعتالين وتسابقوا في هذا المجال بينهم.
نظام الملالي يقتل الشباب المحرومين العتالين بفتح وابل من الرصاص عليهم في وقت يمسك خامنئي وقوات الحرس والأجهزة الآمنية والمخابراتية العاملة تحت أمره برأس خيط أعمال التهريب سواء تهريب المخدرات أوتهريب السلع وتهريب الفتيات والنساء الإيرانيات.
وحسب حبيب الله حقيقي رئيس اللجنة المركزية لمكافحة تهريب السلع والعملة، فان العتالين ولكل وجبة من الحمولة يتقاضون مبلغا يتراوح بين 30و50 ألف تومان. فيما أكد حسين علي حاجي دليغاني عضو برلمان النظام ان حجم صفقات التهريب يعادل 25 مليار دولار أي ثلاثه أضعاف لموازنة العمران في البلاد. وحسب قوله ان تهريب السلع والعملة تسبب في بطالة 800 ألف شخص (وسائل الاعلام الحكومية 19 يونيو 2016). موقع تابناك الحكومي هو الآخر قد كتب قبل عامين أن مليونا و780 ألف فرصة توظيف تفقد في العام اثر أعمال التهريب (موقع تابناك 7 مارس2015).
الوضع الاقتصادي المتدهور له حلوله وهناك حلول واقعية لمعالجة المشاكل حتى ان كانت تخص البنى التحتية في البلاد. ولكن هذه الصيغة من الحل لا تنطبق حاليا في ايران لكونها تحتاج الى حلول سياسية قبل ذلك.
وخلال الأسابيع الثلاثة الماضية شهدت ايران مشاهد مؤلمة من الكوارث الاجتماعية والعلمية والاقتصادية. من حريق شب في مبنى بلاسكو بطهران والى السيول التي اجتاحت سيستان وبلوشستان وتلوث الهواء في خوزستان والى الأحداث التي طالت العتالين في كردستان. هذه كلها مشاهد مؤلمة تؤكد حقيقة أن النظام لم يكن قط يهتم لمعالجة مشاكل المواطنين وانما تؤكد الأدلة والوثائق المتوفرة أن النظام هو مصدر كل هذه المشكلات الاجتماعية والاقتصادية الحالية التي تشهدها ايران. النظام الذي دمر اقتصاد البلد بنهبه ثروات الشعب وانفاقها في مشاريع نووية وتصدير الارهاب والتطرف وتأجيج الحروب في المنطقة ولم يجلب للشعب سوى البطالة والفقر والتضخم.
لذلك طالما هذا النظام قائم على الحكم فان الشعب الإيراني لن يكون لهم سوى الاضطهاد والقمع. الطريق الوحيد للخلاص من كل هذه الآلام والمصائب التي حلت بالمواطنين الايرانيين يكمن في اسقاط هذا النظام  .

No comments:

Post a Comment