الخروج من النار
مجاهدو خلق من الوصول الى العراق والى خروجهم
منه
القوة المتطرفة حديثة العهد التي كان يقودها خميني، ومن أجل
حفظ كيانها سرعان ما تحركت لتصدير عقليته الرجعية والتطرفية والتوسعية الى المنطقة
واختارت العراق ليكون الساحة الأولى للعمل وباشر بتهديده فورا ليكون سببا في
اندلاع حرب بين العراق وايران استمرت 8 سنوات رغم أن توقفها كان بالامكان عام 1982
بعد انسحاب القوات العراقية وتوسط الأمم المتحدة والدول الاسلامية غير أن خميني
أصر على مواصلتها 7 سنوات أخرى رغم ارادة الشعب الايراني.
النزعة الحربية لدى النظام الايراني
خلافا لكل القوى الثورية في المجتمع، فقد وصف خميني الحرب
«موهبة الهية» ليستخدمها لقمع القوى الثورية داخل المجتمع ويكبت الحريات ليسرق
انجازات الثورة ضد الملكية للشعب الايراني ويستنزف الطاقة الهائجة داخل المجتمع في
تحقيق مطامعه التوسعية واحتلال الأراضي.
انه أعلن أنه سيواصل الحرب حتى آخر بيت (!) لأن اثارة الحرب
كانت نزعة من داخله ومن داخل النظام. وحتى خميني الذي اضطر الى قبول قرار598
الصادر عن مجلس الأمن لم يوقع على توقيع السلام مع العراق وحتى بعد القرار الأممي
كان يترصد الفرصة لاحتلال العراق.
تواجد مجاهدي خلق في العراق وتأثيراته الأولية
بدعوة رسمية من الحكومة العراقية وبعد توقيع اتفاقية السلام
بين الحكومة العراقية آنذاك والمقاومة الايرانية في مقر اقامة رئيس المجلس الوطني
للمقاومة الايرانية في باريس (9/1/1981)، انتقلت عناصر مجاهدي خلق باعتبارها
القوى الرئيسية للمعارضة الايرانية في أواسط الثمانينات من القرن الماضي الى
العراق لكي تؤسس «جيش التحرير الوطني الايراني» بجوار الأراضي الايرانية وترتقي
بنضالها ضد النظام الحاكم في ايران في مستويات جديدة. فهذا الأمر قد تحقق بنجاح
كامل. لأن خميني أجبر على قبول قرار598 حينما ألحق جيش التحرير ضربات قاضية على
جسد النظام وراح أن يخطو الخطوات الأخيرة لتحرير الوطن المسروق من قبل خميني. ولكن
خميني وخوفا من السقوط الوشيك خضع لقبول القرار الأممي وتجرع كأس سم وقف اطلاق
النار. وبذلك فقد أخمدت بوتقة الحرب التي أشعلها نظام خميني بهدف التغطية على قمع
الشعب والقوى المتقدمة في ايران.
ان تواجد منظمة مجاهدي خلق الايرانية في الأراضي العراقية
كان تواجدا رسميا وعلنيا وشرعيا قائما على الاستقلال العمل السياسي والايديولوجي
والاحترام المتبادل بين الحكومة العراقية والمنظمة. وهذا التواجد كان قائما على
راية «السلام والحرية» مقابل شعار «الحرب والقمع» من قبل خميني. أي انهاء ممارسات
خميني لاثارة الحرب في الدرجة الأولى ثم تحرير الوطن المغصوب من قبل خميني.
الغزو العراقي للكويت، هجوم النظام الايراني على العراق
وهزيمته أمام جيش التحرير الوطني
مع خطأ تاريخي ارتكبته الحكومة العراقية في غزوها للكويت،
توافرت الأرضية لكي يتجاوز النظام الايراني في الأشهر الأولى من عام 1991 وخلافا
للمعاهدات الدولية الحدود الرسمية بين البلدين ويحتل العراق وأن يقضي على القوة
الرئيسية للمعارضة أي مجاهدي خلق الايراني وجيش التحرير الوطني الايراني. ولكن
بسبب الاحتجاجات الاقليمية والدولية وما قامت به المقاومة من الكشف عن النزعة
التوسعية للنظام من جهة ويقظة وجاهزية جيش التحرير الوطني من جهة أخرى ليس لم يفلح
خامنئي ونظامه في تحقيق مآربهما فحسب وانما خاب ظنهما ولقيا بهزيمة نكراء.
الغزو الأمريكي للعراق، فرصة أخرى لاحتلال العراق من قبل
النظام الايراني
الخطأ السياسي والستراتيجي الأمريكي وحلفائها في غزو
العراق، جاء ليمنح النظام الايراني فرصة أخرى ليجرب حظه من جديد في ابتلاع العراق
والقضاء على الخطر الرئيسي الذي يهدد كيانه المتمثل في مجاهدي خلق. مرافقة نظام
الملالي أمريكا وحلفائها في غزو العراق عام 2003 حيث كانت مشوبة بالخدعة وضخ
معلومات كاذبة أدت الى اشراك عملائه في السلطة العراقية مستغلا الظروف والفرص
الكبيرة التي منحتها سياسة المساومة الغرب التي كان ينتهجها حتى يضع يده على مناصب
سيادية في العراق ويقوم بقتل وابادة الشعب العراقي والمعارضين له في العراق لاسيما
مجاهدي خلق في عملية ابادة.
بدء أعمال القتل وقمع مجاهدي خلق في العراق من
قبل النظام الايراني
من بداية عام 2009 حيث حولت ادارة اوباما في عمل
خياني وفي خرق سافر لتعهداتها القانونية ملف مدينة أشرف الى رئيس الوزراء العراقي
ربيب نظام الملالي نوري المالكي، دخلت أعمال القمع وقتل المجاهدين مرحلة خطيرة حيث
كان يديرها النظام الايراني مباشرة. ثلاث مجازر في أشرف وفرض الحصار الكامل على
مدى 8 سنوات حيث خلف 177 ضحية، والهجمات النفسية المستمرة التي طالت لسنوات عدة من
قبل عناصر مخابرات الملالي تحت يافطة عوائل السكان بمئات مكبرات الصوت الحكومية
أطراف أشرف و تمهيدات لممارسة المجزرة وحبك مؤامرات مختلفة بتوظيف السلطات
التنفيذية والتشريعية والقضائية العراقية الثلاث الخاضعة لنفوذ النظام الايراني،
ثم نقل السكان من أشرف الى ليبرتي بهدف قتلهم في مساحة صغيرة وهم عزل عن السلاح وقصفهم
بالصاوريخ عدة مرات، ومجزرة ارهابية لمن تبقى من سكان أشرف في الأول من سبتمبر
2013 كل هذه المحطات جرت أمام مرأى ومسمع الغربيين المساومين مع النظام أو في ظل
صمتهم.
ولم يكن هدف النظام الايراني منذ البداية سوى
اجبار مجاهدي خلق على الاستسلام أو الموت. بعد 12 عاما من هزيمة النظام في احتلاله
الاراضي العراقية عام 1991 تعرضت معسكرات جيش التحرير الوطني الايراني في العراق
للقصف من قبل الطائرات المتطورة لقوات الائتلاف بطلب من النظام الايراني وفي توافق
مشين مع نظام الملالي الارهابي. وبعد 6 سنوات أي عام 2009 وبعد احالة حماية مدينة
أشرف من أمريكا الى الحكومة العراقية بدأت مرحلة ذهبية للنظام حتى يحقق مطامحه
ولكي لا يسمح حتى لمجاهد أن يخرج سالما!
صمود رائع للنصر
ولكن المجاهدين اعتمدوا طريق الصمود الرائع
للنصر. التمسك بمبادئهم واستراتيجيتهم وبشعار لا يحك ظهري الا أظفاري ودفع الثمن
الأقصى له. وهكذا تحملوا كل العناء والصعوبات والمحن خلال كل هذه السنين وتمكنوا
في مواجهة غير متكافئة ورغم الكثير من الانتهاكات من قبل الأطراف المختلفة المعنية
من دحر مؤامرات النظام الرئيسية ويخرجون من العراق منتصرين. انهم أخذوا توصية
قيادتهم نبراس عملهم بأنه «اذا صمد المجاهدون، فيقوم العالم بدعمهم». وعمليا تحقق
ذلك، ووجدوا أمامهم مواقف الدعم التي لا نظير لها في تاريخ حركات المعارضة في
العالم.
الخروج من العراق، هزيمة استراتيجية للنظام
الايراني ودليل على مرحلة التغيير والتقدم
في عصر يوم 9 سبتمبر2016 غادرت أخر مجموعة من
سكان ليبرتي بغداد الى الدول الاوروبية وبذلك فقد أنجز مشروع نقل مجاهدي خلق الى
خارج العراق رغم كل مؤامرات وعراقيل وتهديدات النظام الايراني ضدهم. فيما كان هدف
نظام الملالي وخلافا لدعاياتهم الاعلامية والسياسية، ليس خروج مجاهدي خلق من العراق
وانما القضاء عليهم أو اجبارهم على الاستسلام عبر الاسترداد.
وأعلنت السيدة مريم رجوي في موقف بهذا الصدد: « في هذه السنوات الـ14 وبفضل صمود المجاهدين وأعضائهم في أشرف وليبرتي
والحملات السياسية الدولية الحثيثة اندحرت المؤامرات والخطط الهادفة الى القضاء
على المقاومة وتفكيكها واستبقت حركة تحرير الشعب الإيراني، النظام الحاكم في إيران
بخطوة نوعية وباءت بالفشل خطة ولاية الفقيه التي كانت ترمي الى ضمان بقائها
بالتصفية الجسدية لمجاهدي خلق. نظام الملالي كان على الظاهر يطالب باخراج مجاهدي
خلق من العراق وابعادهم من الحدود الإيرانية الا أن الطلب الحقيقي للملالي بشأن
المجاهدين الأشرفيين كان إمّا القضاء عليهم أو تسليمهم الى حكم الملالي. الا أن
المجاهدين ومن خلال صمودهم وسط حصار قاس، رفعوا مشاعل النضال من أجل الحرية وراية
اسقاط نظام ولاية الفقيه في خضم أخطر الأزمات التي شهدها الشرق الأوسط حارسين
الرصيد المعنوي والنضالي والستراتيجي للشعب الإيراني. ان المقاومة الايرانية الآن
أصلب وأقوى للنضال القادم مئات المرات أكثر من ذي قبل.
الآفاق المستقبلية وواجبات عامة للايرانيين
ولو أن هناك الكثير من الملفات بقيت مفتوحة وتنفتح كلما اقتضت الضرورة
ولكن المجاهدين كانوا ومازالوا يفكرون في خضم الأحداث والخطوب والاختبارات في
اسقاط النظام ودائما تجنبوا الدخول في كل ما ينتهي لصالح النظام. كما أن الكثير من
الملاحم المكتومة بقيت طي الكتمان وربما الأجيال المقبلة ستتحدث عنها.
والآن وبعد الخروج المنتصر للمجاهدين من العراق حيث قارن التطورات
الجديدة على المستويين الاقليمي والعالمي، بدأت مرحلة جديدة أمام الشعب الايراني
وأبنائه حيث يتطلب الشعور بالمسؤولية من قبل العموم بمئات المرات. أحقية ومكانة
حراك المقاضاة من أجل 30 ألف سجين سياسي ابيدوا في مجزرة 1988 حيث أعلن عنه في صيف
هذا العام في تجمع الايرانيين في باريس وكذلك سائر الحركات التي تهز أركان النظام ستجعل نضالات الشعب
الايراني تتكلل بالنجاح وتنتهي الى خلاص الشعب الايراني والوطن من قبضة هذا
الاخطبوط. ليس من الصدفة أن رئيس مجلس خبراء ورئيس مجلس صيانة الدستور للنظام
المدعو جنتي قد أماط اللثام وقال: «لو كانوا يفسحون المجال أمام مجاهدي خلق ولم
يبدوهم، فهم كانوا يقلعون النظام من الجذور». لذلك فان المرحلة الجديدة هي مرحلة
فتح سجل أعمال النظام في الهيئات الدولية ومحاكمة قادة النظام على جرائمهم التي
ارتكبوها ضد الشعب وضد المعارضة الايرانية.
نعم، النضال متواصل بتوتيرة متسارعة وقوة بمئات المرات. لكون النظام
صار ضعيفا فيما أصبحت المقاومة أقوى وأصلب. حان وقت النهوض ويجب اتخاذ الخطوة
الأخيرة وبالطبع ان الشعب هو منبع لا ينضب من الطاقات والامكانيات وممارسة
الواجبات.
@m_abdorrahman
(*)محلل سياسي ومعارض ايراني.
No comments:
Post a Comment