Monday, November 14, 2016

النظام الايراني في المنطقة قوي أم ضعيف أيهما؟! (2)




تزامنا مع عملية تحرير الموصل من يد داعش، زادت عمليات القصف ودوران رحى الحرب والقتل في سوريا. ولم يمر يوم الا وتحصد فيه عمليات القصف للنظام الأسدي وروسيا والهجمات الصاروخية والكيمياوية والبرية لفيلق القدس والحرس الثوري الايراني أرواح مئات من السوريين الأبرياء.
رغم الجرائم والآفعال النكراء التي ارتكبت طيلة السنوات الخمس الماضية خلف الكواليس ضد الشعب السوري العزل، الا أنه لم يبق من نظام بشار الأسد سوى وجه ورقي فقد سيطرته وبقي النظام الايراني فعالا لما يشاء مع عملائه لمحاربة الشعب السوري وابادتهم. وهناك أدلة اثباتية كثيرة لهذا المشهد يمكن تلخيصها في عاملين: 
أولا: رموز النظام الايراني أعلنوا أكثر من مرة بأن سوريا تشكل عمقا استراتيجيا لايران وأن الدفاع عن نظام بشار الأسد هو الدفاع عن كيان وذات النظام الايراني. انهم يؤكدون بصراحة اذا لا نحارب في سوريا فيجب علينا أن نحارب في طهران وهمدان وغيرها من المدن الايرانية للدفاع عن كياننا.

وقال خامنئي بشأن التواجد العسكري للحرس الثوري والميليشيات التابعة لهم في سوريا: «لو لم يحارب المدافعون عن الحرم في سوريا لكان علينا أن نحارب في كرمانشاه وهمدان». (فبراير2016) كما قال ولايتي مستشار خامنئي يوم 19 نوفمبر2015 بهذا الصدد «لو لم يكن دعمنا ومواقفنا الداعمة لكانت دمشق قد سقطت ولا أحد غيرنا وغير حزب الله وحلفائهم كان قادرا على تحمل عبء الحرب في سوريا». وبعد أقل من شهر أكد ولايتي «بشار الأسد هو يعتبر الخط الأحمر للجمهورية الاسلامية وأن النظام (الايراني) لا ينوي التخلي عن الأسد سواء في ساحة الحرب أو على الصعيد السياسي». (وكالة أنباء فارس 5 ديسمبر2015). انها رسالة واضحة تعكس الواقع الحالي الذي يعيشه النظام الايراني ومدى هشاشة هذا النظام الذي يضطر الى قتل الشعب السوري من أجل استمرار حياته الاجرامية.
ثانيا- النظام الايراني واثر تجرعه سم الملف النووي يواجه أزمات خانقة سياسية واقتصادية وهو يتآثر مع مرور كل يوم بتداعيات سم الاتفاق النووي. كما انه بات متورطا الآن في مستنقع سوريا حسب قول كبار مسؤولي النظام بحيث لا يمكن له ترك الساحة. وفي واقع الأمر انه بات مخيرا بين «السوء» و «الأسوأ» واختار السوء وأصبح مرغما على أن يعمل عمل «المشاة والتموين للحكومة الروسية» في سوريا.
وقال مصطفى تاج زاده من عناصر النظام مؤخرا في مقابلة علنية «ان ترك القاعدة الى روسيا، جعل ايران في مكانة أدنى لتصبح «عامل التموين والمشاة لروسيا». منوها لوضع النظام الايراني في سوريا وقال «شوهت سمعتنا ونغرق كل يوم أكثر فأكثر في مستنقع سوريا». (صحيفة «روبرو» طبعة طهران السبت 29 اكتوبر2016).
وقبل مدة جرت جولة جديدة من المفاوضات الدولية في لوزان حول الأزمة السورية ولكنها لم تصل الى نتيجة سوى استمرار المفاوضات وتواصل أعمال القصف والابادة وسفك دماء الشعب السوري. الشعب الذي لا حول له ولا قوة له الا بالله العظيم وبأبنائه البواسل الذين يدفعون بدماء أكثر ثمن صرخات رسائلهم الى الضمائر الانسانية. ومن خلالها يمكن  ادارك حقيقة أن قضية سوريا قد طغت على المساومة بين الشعب وبشار الأسد الدموي.  رغم اصرار النظام الايراني على مواصلة الحرب حيث قال قاسم سليماني قائد فيلق القدس مؤخرا في مراسيم ذكرى مقتل حسين همداني في سوريا «نحن لا ندافع في سوريا فقط عن الحكومية السورية بل عن الاسلام وعن الجمهورية الاسلامية».
ورغم ذلك لا يمكن تجاهل حقيقة أن سياسة الغرب الخجولة لاسيما ادارة اوباما الموشكة على الانتهاء قد منحت فرصا كبيرة لقادة النظام الايراني  لكي يستغلونها تحت اسم «المفاوضات» ولغرض شراء «الوقت» لابقاء خندقهم الدفاعي في سوريا حتى يؤجلون موعد سقوط كيانهم. والا كان واضحا للجميع أن «المفاوضات» ليست حلا لأزمة سوريا اطلاقا. ان التجربة خلال 38 عاما مضت مع النظام تؤكد حقيقة أن سياسة «المفاوضات والحوار» من جانب النظام هو تكتيك مكشوف لجعل الطرف المقابل محبطا ومرهقا. 
النظام يعرف قبل الجميع أنه غير قادر على حفظ الأسد في سوريا. الا أنه قد راهن في سوريا على روسيا وعلى ضعف ادارة اوباما. ولو لم يكن هذان العاملان لكان المشهد متفاوتا عما هو عليه الآن. النظام الايراني ولبقاء نظامه يتابع استمرار الحرب ضد الشعب السوري. ولكن من لا يعلم يحمل ذرة من الوعي والانسانية أن السبب الرئيسي لأزمة سوريا واطالة الحرب كان ومازال النظام الايراني. وهذه الحقيقة تنطوي على حقيقة أخرى وهي أن الحل الوحيد لانهاء الحرب والقتل والارهاب في سوريا هو الاعتراف بالمعارضة السورية وتسليم مقاعد هذا البلد في الهيئات والمؤسسات الدولية الى المعارضة السورية. وبهذا يمكن وضع نهاية لتواجد قوات النظام الايراني في سوريا ووضع حد لجرائم روسيا بحق الشعب السوري.
الكلام الأخير أن النظام الايراني وخلافا للصخب الاعلامي هو أضعف بكثير من أي وقت آخر والمطلوب اتخاذ سياسة حازمة من قبل الحكومات والمؤسسات الدولية لدعم الشعب السوري والمعارضة السورية لكي تأخذ بوصلة المشهد الاتجاه الصحيح. كما أن المعارضة الايرانية ترى نفسها بجانب المعارضة السورية وهما تتابعان هدفا مشتركا وقضية مشتركة لتحقيق السلام والأمن والاستقرار في المنطقة.
@m_abdorrahman
(*)ناشط سياسي ومعارض ايراني.

No comments:

Post a Comment